بغزة.. لمّا البحر يكتب مرثيته الأخيرة

بدايةً.. لسا أنا الصبح. يعني كل شيء بالزبط. كل شيء بحاله، وكل شيء بعيوني. اللغة فتحتلي نافذتها المعلقة بالهواء والريح تحمللي سيل من الأحاسيس الطفولية. العواطف تتسلل بكل تناقضاتها وأعلى وأسفلها. في هذا الصبح بس، أدركت إني ما عندي خيار غير إني أكون كل شيء دفعة وحدة.

النسمات بتدفعني لبحر غزة. أنا عالقة في فم الموت، بس البحر بيلعب فيا وأبدأ أتراقص مع حركاته الانسيابية. كل حركة بتفتح دموعي وبتخليني أتذكر ذكرياتي اللي اندفنت بالحرب. بدقق الطبل بأعواد ثقاب كل ما الموجة بتبلع شقيقتها. الصوت بينتشر زي الألعاب النارية وبيعلن عن اشتياق البحر بغضب. وبعدين ببتلعني. اليوم أنا بحكي للعرب والعالم كله إني زهقت من كل اللي عملته ليا الحياة.

أقسم.. هالحن مرهقني لدرجة القرف. أغنية مليانة بالتيه والحنين والرغبة. بتجمعني بأماكن كتير وبتخليني أشوف حياتي على طريقتها. بين أشواقي وأوجاعي ونكستي وقوتي وسعادتي وأحزاني. الشمس بتحكيلي في غروبها. الغريب إني غادرتها قبل سنتين ولسا بتحفظ الوقت اللي كان بيجمعنا. اثنان وعشرون شهر كأنها ليل طويل ما بيشتركش بالصبح. وأنا بين شموع الأربعين وحيدة جداً. لازم أتعلم كيف أسبح في جراحك وأشوف عنفوان غزة وهي بتجذف صلابة الموج بأحلامها.

من شهور عديدة وأنا بتعلم كيف أشوف الحياة من ثقوب الرمال. ذكريات طفولتي بتتقدملي مع كل ضحكة ونكتة. أدركت إني ما نضجت قد ما كنت فكرانة. وما زلت بحتفظ بكرهي للفستان الأخضر اللي كنت لابساه في حفلة تخرج روضة. وما زالت دموعي تمسك بعباءة أمي كأنها ما اتفارقتنيش قط.

هيك.. خلصت المقالة.