في انفجار سابق لم يسبق له مثيل في التطور الحضري والسياحي، تخضع الساحل الشمالي المصري لتحول دراماتيكي. مشاريع عملاقة قيد التنفيذ، تهدف إلى رفع مستوى الساحل الشمالي من وجهة موسمية إلى مركز سياحي على مدار السنة يتنافس مع الوجهات السياحية المعروفة مثل برشلونة، نيس، وأثينا.
وفقًا لتقرير من موقع إلكتروني إسباني، فإن هذا لم يمر دون أن يلاحظ في أوروبا. لقد أعربت المملكة المتحدة، إسبانيا، واليونان عن قلق متزايد بشأن الأثر المحتمل لهذه المدن الساحلية المصرية الجديدة على السياحة الدولية.
تحذر التقارير البريطانية، على وجه الخصوص، من أن ملايين السياح قد يتحولون إلى شمال إفريقيا، مهددة بذلك الوجهات السياحية التقليدية في جنوب أوروبا. يؤكد التقرير أن مشاريع مثل مدينة العلمين الجديدة ورأس الحكمة ليست مجرد تطورات حضرية؛ بل هي إعلان واضح عن دخول مصر إلى سوق السياحة الفاخرة في البحر الأبيض المتوسط.
منذ عام 2018، تسعى الحكومة المصرية لتنفيذ خطة استراتيجية متعددة المليارات من الدولارات لبناء مدن ساحلية رئيسية على البحر الأبيض المتوسط، بهدف إعادة رسم خريطة السياحة البحرية وخلق بديل قوي للوجهات الأوروبية التقليدية.
المدينة الجديدة العلمين تقود هذا التطور، مشروع ضخم يغطي مساحة تبلغ 50,000 فدان (200 كيلومتر مربع)، ويقع على بعد 48 كيلومترًا فقط من المطار الدولي الإقليمي. تتضمن المدينة شواطئ خاصة وفنادق فاخرة وأبراج سكنية شاهقة، مع سماء المدينة تهيمن عليها برج العلمين الشهير بارتفاع 300 متر، والذي من المتوقع أن يصبح أحد أبرز العلامات الحضرية في البحر الأبيض المتوسط.
تأتي خلفها على مقربة مشروع رأس الحكمة. يقع بين الإسكندرية ومرسى مطروح، يتم تخطيط هذا المشروع التطويري كمدينة ساحلية أخرى، على وشك أن تصبح الأكبر في شرق البحر الأبيض المتوسط، تمتد على مساحة 170,000 كيلومتر مربع.
يتضمن المشروع سبعة فنادق فاخرة، مرسى يطمح ليكون الأكبر في العالم، ومطار دولي، وشبكة سكك حديدية سريعة. تركز الخطة لرأس الحكمة على حلول مبتكرة مثل وسائل النقل المائية وتصميم حضري ذكي ومستدام.
التنفيذ اللذي يقوده هذه المشاريع يتم عن طريق مجموعة تضم Modon Holding من الإمارات بالتعاون مع شركة مشروع تنمية رأس الحكمة في مصر، وبدعم من مستثمرين من الإمارات ومصر. تتمثل الرؤية المعلنة في بناء “مجتمعات حضرية ذكية ومستدامة”، متماشية مع الاتجاهات العالمية في تطوير السياحة الفاخرة.
بالنسبة لأوروبا – خاصة إسبانيا واليونان – فإن صعود المدن الساحلية المصرية يشكل تهديدًا مباشرًا لتدفق السياحة التي توجه تقليديًا إلى الجزء الجنوبي من القارة. إذا نجحت هذه المدن في جذب ملايين السياح الدوليين، فإن خريطة السياحة بالبحر الأبيض المتوسط ستعاد رسمها.
تعتبر مصر هذه المشاريع فرصة لترسيخ موقعها كقوة سياحية عالمية. أما أوروبا، فيرى أنها تمثل تحديًا تنافسيًا صعبًا قد يجبرها على إعادة ابتكار نموذجها التقليدي في السياحة. نجاح هذه المدن الجديدة سيعني أن مصر لن تعتبر فقط وجهة شتوية أو أثرية بل ستكون لاعبًا رئيسيًا في السياحة البحرية، تتنافس بشدة مع المدن الرئيسية في أوروبا وتجبرها على وضع استراتيجيات للحفاظ على جاذبيتها.