بالنسبة لي لا أدري حقًا لماذا هذا مهم، ولكن يبدو أن انتقام المنتصرين من المعارضين يثير الكثير من الجدل. ربما يكون الأمر مرتبطًا بشعورهم بالنقص جراء الهزائم التي منيت بها تياراتهم، أو ربما لأنهم يرون أن الأيديولوجيات التي اعتنقوها تحولت إلى أدوات لتحقيق مصالحهم الشخصية. ما أعرفه بالتأكيد هو أن هناك تيارًا جديدًا من المنتقدين في صفوف الإسلاميين واليساريين العرب يقوم بتقريب مفهوم الوطنية بطريقة معادية وعنصرية، وهذا أمر يثير الكثير من الاستفهامات.
من الواضح أن الوطنية الحقيقية لا تعني دائمًا الالتحاق بالسلطة، سواء كانت نزيهة أم فاسدة. هناك دائمًا المجال للمعارضة الوطنية التي تسعى لصالح الشعب، وليس لصالح النظام. فالوطنية الحقيقية تعني التصدي للأنظمة عندما تخون مصالح الأوطان، وتسعى للحفاظ على سيادتها. ولكن الآن يبدو أن هناك تيارًا جديدًا متسلطًا في صفوف الإسلاميين واليساريين يتحوّل إلى أداة للقمع، سواء على المستوى الفكري أو المادي، في سبيل تحقيق مصالح شخصية والحصول على مناصب، ربما لا تستحقها في كثير من الحالات.
لا يمكننا إنكار وجود هذه الظاهرة الجديدة من التنقيحيين المنفعيين في صفوف الإسلاميين واليساريين العرب. فهم أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من المشهد السياسي، ويبدو أن الكثير منهم ليسوا ضحايا فقط بل اختاروا أن يكونوا جزءًا من آلة القمع والفساد. ربما يكون الأمر مزحة ساخرة، ولكن يبدو أن بعض الإسلاميين واليساريين السابقين قد تحولوا إلى أدوات للسلطة، ويعارضون أي محاولة للكشف عن فساد النظام أو خيانته. قد يكونون يفعلون ذلك باسم الوطنية والحب للوطن، ولكن في الحقيقة يخونونها لصالح مصالح شخصية.