لم أغادر البيت، رغم أنني الآن في خيمة لا تشبهني، بلا نوافذي، ولا وقتي، ولا زرعي، ولا مراياي، أنامُ بعيداً عن الحجارةِ التي حفظت كلامي، أغسلُ قلبي بهواءِ نافذةٍ أقف أمامها غريباً، أغتسل بماءٍ لا يعرف انحناءَ جسدي ولا حزنه القديم. لم أغادر البيت، هكذا أشعر حين أسمع صوتكِ.

يا لها من مدينةٍ جميلةٍ تعيشُ في حلقِ ساكنيها، تبدو كالراقصةِ الشقيةِ على نافذة، تملكُ القدرة على توريط الناس في حياتها الجميلة والمسرة، لا تخبرهم أنها فقط مؤقتة وجميلة بشكلٍ لا يصدق. هل يمكنك أن تصدّق أنها تورّط الناس دون رحمة؟ هل يمكنك أن تتخيل كيف تشعر الحجارة عندما تضرب الشوارع في صدري المتاهة؟

إنني يائسٌ مثل ثلاجةِ موتى، ومشتاقٌ مثل بيتٍ مهجور، لا يغادرُني وجهُكِ لأنسى، ولا تغادرُني وعودُنا لأعيش. قد يكون من الممكن أن تأتي الأحزان إلى قلبي كما تأتي الناس إلى الحديقة، ولكن هل ستكونين أنتِ البحار التي يقصدها الناس لتغرق؟ هل ستكونين قادرة على إخراجهم من الظلال كما تفعل النجوم؟

لم أغادر البيت، والآن أجد نفسي في خيمةٍ غريبةٍ تختلف كثيرًا عن بيتي القديم. أنا هنا بعيدًا عن كل شيء، ولكن صوتكِ لا يفارقني. يبدو أنني مشتاقٌ إليكِ أكثر مما كنت أظن.