الصعود الشعبوي اليميني في أوروبا: النرويج نموذج وبريطانيا على مفترق الطريق
في استفتاءات أوسلو المحورية في 8 سبتمبر 2025، شهدت الانتخابات النرويجية الأخيرة تحولاً هاماً في المشهد السياسي الأوروبي. ارتفع “حزب التقدم” الشعبوي اليميني بشكل مذهل، حيث تضاعفت نسبته المئوية عن انتخابات 2021. وفي الوقت نفسه، تزايدت الدلائل على تيار مماثل في بريطانيا، مع عودة نايجل فاراج بقوة. هذه التحولات تثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الديمقراطيات الأوروبية وآراء الناس في القارة.
النرويج: يسار وسط يحكم ويمين شعبوي يتمدد
رغم بقاء حزب العمال (وسط اليسار) بقيادة يوناس غار ستور في السلطة في النرويج، إلا أن “التقدم” الشعبوي اليميني حقق نجاحاً ملحوظاً، حيث ارتفع دعمه من 11% في انتخابات 2021 إلى حوالي 24%. يعكس هذا الصعود تحولاً ثقافياً، حيث بدأ الحزب في جذب الشباب من خلال قضايا مثل الهجرة والضرائب والنظام العام، مع انتقاده لما يسميه “نخبة أوسلو”.
وعلى الرغم من تبنيه للغة اليمينية الشعبوية، يسعى الحزب للتمييز عن أمثال مارين لوبان (فرنسا) وخيرت فيلدرز (هولندا) وفيكتور أوربان (المجر)، ويفضل التقارب مع المحافظين البريطانيين والليبراليين الدنماركيين. وفي تصريح ملفت، قالت زعيمة الحزب سيلفي ليستهاوغ، إن أكثر من يعجبها دولياً هي ميتا فريدركسن، رئيسة وزراء الدنمارك الاجتماعية الديمقراطية، على الرغم من الانتقادات التي تواجهها من يسار كوبنهاغن بتوجهها نحو اليمين.
بريطانيا: فاراج يقتحم المشهد مجدداً
في بريطانيا، عاد نايجل فاراج، مهندس البريكست وزعيم حزب “إصلاح المملكة المتحدة”، إلى الواجهة بقوة. مع تراجع ثقة الجمهور في الأحزاب التقليدية والانتقادات المستمرة لأداء الحكومة، يتصدر حزبه استطلاعات الرأي بنسبة تتراوح بين 30 و34%، متفوقاً على حزب العمال الحاكم (20-25%) والمحافظين. استغل فاراج فضائح حكومية، مثل استقالة نائبة رئيس الوزراء بسبب قضية ضريبية، ليقدم نفسه كمنقذ من “الطبقة السياسية الفاسدة والمنفصلة عن الواقع”، كما صرح في مؤتمر حزبه ببرمنغهام.
هذا الصعود لا يعكس فقط شعبية فاراج، بل يكشف عن أزمة بنيوية في النظام الحزبي البريطاني. فحتى وبالرغم من إيمان غالبية البريطانيين اليوم بأن البريكست كان قراراً خاطئاً، يبقى فاراج قادراً على تعبئة الشارع بخطابه المناهض للهجرة والنخب السياسية. وأظهر استطلاع حديث أن 20% من البريطانيين يرون في فاراج الشخصية المناسبة لتمثيل المملكة المتحدة، متفوقاً على رئيس الوزراء كير ستارمر (19%).