الدوحة وخلاصة الأمور
في الوقت اللي كانت دخان بيتصاعد من مبنى سكني بعد ما إسرائيل استهدفت قادة “حماس” في الدوحة يوم التاسع من سبتمبر 2025، ما كانش ممكن نفصل الهجوم ده عن الخطة الإسرائيلية الكبيرة إللي كانت معلنة عنها بتغيير وجه الشرق الأوسط. الرئيس الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان قد أعلن في وقت الهجوم على إيران في يونيو الماضي، إن إسرائيل هتغير الوضع في الشرق الأوسط. وقبل كده، في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2023، نتنياهو قدم رؤيته لـ”شرق أوسط جديد” ورسم خريطة للمنطقة ما فيهاش الضفة الغربية ولا قطاع غزة. ونتنياهو بيؤمن بمبدأ “السلام بالقوة” وهو كان قال بعد الهجوم على إيران، “القوة أولاً، ثم السلام”. وبعد الهجوم على الدوحة، وهو المشمول بنجاح النصر اللي بيتوهمه، هدد إن قطر والدول اللي بتسمح “للإرهابيين” بالعيش على أراضيهم هتطرد الإرهابيين وإلا إسرائيل هتعمل كده. طبعاً، نتنياهو ناسي إن قطر كانت دولة وسيط، بيمر عبرها وفود إسرائيلية وأمريكية، وكمان وفود حماس، وإنها كانت الوسيط في اتفاقيات تبادل أسرى بين إسرائيليين وفلسطينيين.
الهدف الإسرائيلي بـ”تغيير وجه الشرق الأوسط” معروف ومعلن، ولا أحد يقدر يتنكرله إلا اللي بيعمي عن الحقيقة متعمداً. برضه في ناس بتظن أو بتخدع نفسها إن الصراع بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة بسبب “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، ولكن إسرائيل نفسها بتحدث عن حرب الجبهات السبع في غزة، والضفة الغربية، ولبنان، وإيران، والعراق، وسورية، واليمن. ودلوقتي دول المنطقة دي صارت جبهة واحدة مفتوحة، بتشمل كل حاجة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والهجوم على الدوحة مجرد خطوة في الاتجاه ده، وإسرائيل مش ناقصاها أسباب هنا. في حالة الدوحة، وربما مصر والجزائر وتركيا كمان، الذريعة كانت استضافة قادة في المقاومة الفلسطينية. إسرائيل هددت إنها هتوقف التصدير الغاز لمصر وهتزيد التعزيزات العسكرية في سيناء، وده بيبين إنها بتتصاعد ومش بس توتر عادي، والمفارقة إن دول مثل مصر والأردن والسلطة الفلسطينية مرتبطين باتفاقيات سلام مع إسرائيل بس مش بيقدروا يحموا نفسهم من التحرشات الإسرائيلية.
في النهاية، إسرائيل بتمضي في غيها مدفوعة بوهمي “إعادة تشكيل وجه الشرق الأوسط” و”إسرائيل الكبرى”، وهما مشروعان خياليان، بس ممكن يتحققوا لو النظام العربي تواطأ ضد نفسه. اللي مش فاهم إن غزة هي العقبة الأخيرة لهذا الطوفان التوسعي، هي اللي هتحولهم من احتلال لإعادة هندسة ديمغرافية وجيوسياسية للمنطقة. الغريب إن الهجوم على الدوحة كان رسالة إن إسرائيل دخلت مرحلة جديدة من محاولاتها لإعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط. “السلام بالقوة” يعني إسرائيل مش مؤمنة بشركاء، بس بتريد تابعين وعبيداً لها، واللي بيظن إن تحالفه مع الولايات المتحدة هيحميه، لازم يعيد النظر في الوضع ده. يعني إسرائيل مش هتهاجم لو كانت خايفة من رد فعل أميركي، وكمان “من أمن العقوبة أساء الأدب”.
مع الخلاصة دي، إسرائيل مش هتوقف في طريقها، وهتواصل بوهمي “إعادة تشكيل وجه الشرق الأوسط” و”إسرائيل الكبرى”، وهما مشروعان خياليان، بس ممكن يتحققوا لو النظام العربي تواطأ ضد نفسه.