لما يتم تمجيد الذكاء الاصطناعي كأنقذ البشرية التالي، يرى القوى الخبيثة فيه فرصة رئيسية لابتزاز الناس بدلاً من الابتكار الحقيقي. ما يحدث الآن في عالم الجرائم الإلكترونية ليس مجرد تطور في أدوات الاحتيال، بل قفزة هائلة يقودها “القراصنة الذكيون” – المهاجمون الغامضون الذين يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لإنشاء وهم واقعي يبدو حقيقيًا، حتى في مكالمات الفيديو.
حسب خبير الأمن السيبراني خالد جمال الدين، فإن الأداة الأكثر بروزًا لهذا النوع الجديد من الهجومة هي خوارزميات “deepfake”، التي تمكنهم من محاكاة صوت مديرك أو أحد أقاربك وصورته لإقناعك بتحويل الأموال أو الكشف عن معلومات حساسة. كل هذا يحدث وهم يخدعونك لتعتقد أنك تتحدث مع شخص تعرفه. الخطر لا يقتصر على الخداع البصري. يتم إصابة بعض الأجهزة دون علم أصحابها وتجنيدها في شبكات “botnet”، تُستخدم للهجمات على المؤسسات أو حتى لتعدين العملات المشفرة الخفية.
ما هو أسوأ من ذلك، يمكن لهذا البرنامج الخبيث تغيير سلوكه تلقائيًا لتجنب أنظمة الحماية. الهجمات السيبرانية لم تعد تعتمد فقط على رسائل البريد المزعج أو محاولات الاختراق البدائية. في عصر الذكاء الاصطناعي، دخلنا عصر القراصنة الذكيين – قادرين على تقليد البشر، وتلاعب الصوت والفيديو، وتنفيذ عمليات احتيال معقدة يصعب اكتشافها.
المعركة ليست فقط تكنولوجية. يؤكد الخبير المصري على أن المعركة الآن لم تعد مجرد معركة بين البرمجيات الهجومية والدفاعية؛ بل هي الآن معركة بين الوعي والخداع، وبين الاحترافية واللاحترافية الرقمية. “الذكاء الاصطناعي ليس شريرًا بحد ذاته، إنه مجرد أداة. يمكن استخدامه لارتكاب الجرائم، تمامًا كما يمكن استخدامه لاكتشافها ووقفها. من يفهم طبيعة هذا التهديد، ويبني أنظمة متينة ومحدثة، ويدرب موظفيه في التفكير الرقمي سيكون الأكثر أمانًا في هذا العالم المتحول.”