الذكاء الاصطناعي ودوره في توقع الكوارث

تبدو فكرة جهاز يتنبأ بحدوث حدث أو كارثة، مثل حريق دمر مبنى الاتصالات رامسيس أو حتى بعض الكوارث الطبيعية، وكأنها شيء من خيال الخيال العلمي. لكن الآن هو موضوع جدي للنقاش – ماذا لو تم تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي على البنية التحتية الحيوية في مصر؟ هل يمكن أن تكون قد تنبأت بالخطر قبل أن تلتهم النيران قلب الشبكة؟ كيف يمكن للذكاء الاصطناعي توقع أو منع كوارث مثل حريق مبنى الاتصالات رامسيس؟

هذا المفهوم الخاص بـ”توقع الأزمات” قد يبدو كخيار تكنولوجي بعيد المنال. في الحقيقة، يمكن أن يكون الحل السحري إذا تم تطبيقه بشكل صحيح، من خلال استخدام أحدث التقنيات لتوقع المخاطر قبل أن تتطور إلى كوارث. خلال حريق بورصة رامسيس، الذي أعاق جزءًا حيويًا من قطاع الاتصالات، لم يكن هناك نظام إنذار مبكر، أي تنبيه يمكن من خلاله للسلطات المسؤولة للتصرف قبل انتشار النيران.

هذا هو المكان الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا رئيسيًا. “الذكاء الاصطناعي لا يرى المستقبل، لكنه يحسب احتمالاته”، يقول الخبير في الذكاء الاصطناعي ماركو ممدوح. وأوضح أنه بينما لا يمكن للذكاء الاصطناعي توقع المستقبل حرفيًا، إلا أنه يعتمد على الاحتمالية لتحليل البيانات وتوقع السيناريوهات المحتملة.

كيف يعمل هذا بالضبط؟ وفقًا لممدوح، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا استباقيًا حاسمًا من خلال:
– تحليل نقاط الضعف الهيكلية في المباني والمرافق الحيوية، وتقديم تقييمات دورية لمستويات الخطر.
– اقتراح سيناريوهات أزمة استنادًا إلى البيانات التاريخية من حرائق مماثلة: المدة، والشدة، والانتشار، والضرر.
– إنشاء حلول آلية فورية لمواجهة الأزمة، بما في ذلك خيارات الإخلاء، وتعزيز تدابير الحماية، وتحديد أولويات الإجراءات الاستجابية.

من التنبؤ إلى تقليل الخسائر: هل العالم ينفذ هذه الإجراءات؟ “إذا كان مزودًا ببيانات كافية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخبرك ما إذا كانت المبنى قادرة على تحمل ضغط حراري معين”، أضاف. “هل سيتحمل النظام الكهربائي في حالة حدوث اختلال؟ هل هناك حاجة لتحديث أنظمة الإنذار أو تثبيت أجهزة استشعار إضافية؟ يجيب الذكاء الاصطناعي على جميع هذه الأسئلة قبل أن نفاجأ بأزمة”. اختتم بالقول إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تحليلية؛ بل يمكن أن يكون شريكًا استراتيجيًا في اتخاذ القرارات. عندما تضرب الكارثة، يصبح اتخاذ القرارات السريعة وتحديد الأولويات أمرًا حاسمًا.

في هذه السيناريوهات، يمكن للأنظمة الذكية أن تقترح أسرع الطرق للسيطرة، أو حتى إيقاف الأنظمة تلقائيًا لتقليل الضرر، تمامًا كما يحدث في المصانع الذكية. السابقة العالمية: الذكاء الاصطناعي في العمل لمنع الحرائق تقف كوريا الجنوبية كمثالًا حقيقيًا على تطبيق هذا المفهوم، حيث أطلقت مشاريع مدعومة بالذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من آلاف المباني وتصنيفها وفقًا لـ”فهرس خطر الحرائق”. ثم تم بناء أنظمة استجابة سريعة للهياكل الأعلى على القائمة الخطرة. في الولايات المتحدة، طورت البلديات مثل أتلانتا أنظمة تعمل بالذكاء الاصطناعي لتحديد المباني التي تتطلب فحصًا فوريًا، مما أدى إلى تقليل كبير في عدد الحرائق خلال سنة واحدة فقط. أظهرت دراسة نشرت في عام 2024 في مجلة الإطفاء تطوير الباحثين نموذجًا متقدمًا لتوقع خطر الحرائق باستخدام خوارزميات تعلم الآلة استنادًا إلى طريقة التصنيف المكدس. استطاع النموذج تحليل 34 متغيرًا، بما في ذلك عمر المبنى، ونوعه، والمواد المستخدمة، وكثافة السكان في المنطقة، وتصنيف المباني وفق مستويات الخطر بنجاح. بشكل ملحوظ، كانت فقط 22 في المائة من المباني في أعلى فئة خطر تمثل 54 في المائة من الحرائق التي سُجلت فعليًا خلال فترة الدراسة، مما يدل على دقة النموذج وقدرته على توفير خريطة واقعية للمباني عرضة لمخاطر الحرائق.